الجمعة، 15 يونيو 2018

الحضور-الجزء الأول

*الحضور (Mindfulness ) هي مقالات مترجمة بتصرف عن محاضرات ودروس  للدكتور John Ullmen يمكن لكم مشاهدة المزيد من هذه الدروس بالإنجليزية على الرابط:
https://www.lynda.com/Business-Skills-tutorials/Mindfulness/418268-2.html

مقدمة*
عالم النفس جاك كورنفيلد قال " إذا كنت تجلس بصمت خلال سماع الأخبار السيئة، إذا كانت التقلبات المالية لا تؤثر عليك، إذا كنت ترى جيرانك يسافرن إلى أجمل الأجمل الأماكن دون أن تشعر بالحسد، إذا كنت تأكل كل ما يوضع على صحنك بسعادة، وتنام بعمق بعد يوم كامل من الركض بدون مشروب أو حبة مسكن، إذا كنت تشعر بالإكتفاء في أي مكان توجد فيه، فأنت على الأرجح....كلب.
كبشر عقولنا لم تتطور كثيراً منذ العصر الحجري، وليست متأقلمة مع نمط الحياة المعاصر السريع، هذا ما يسبب لنا التوتر والكثير من التحديات النفسية والجسدية.هذه التحديات تعمل على حجب قدرة نملكها جميعاً وهي قدرة تعطينا المزيد من الصحة، الثراء، المرونة ، المزيد من التأثير النجاح والإكتفاء في الحياة المادية، وتزيد من قوة العلاقات والسعادة داخل البيت. إنها الحضور (mindfulness). الحياة المعاصرة تجعل الحضور أكثر تحدياً ولكن في نفس الوقت أكثر قيمة.
الحضور لن يقوم بحل كل مشاكلنا، ولكنها يعطي الكثير من المميزات والفوائد المثبتة من خلال الكثير من الدراسات العلمية، وهذه الفوائد متاحة لكل شخص في العمل والبيت.سنقوم بتغطية مفهوم الحضور وكيف يعمل، والخطوات التي تساعد في إنتاج حضور إيجابي، مجموعة من التقنيات، والمخصصة لتناول تحديات أوصعوبات معينة في الحياة العملية والشخصية.ما يعطيه الحضور لك يفوق بكثير الوقت المحدود الذي تمنحه له.
ما هو الحضور؟
الحضور يعني يقطة العقل، إنخراطه بشكل أكبر، وعمله بأفضل أحواله، و هذا ما يساعده في التعامل بشكل أفضل أيضاً مع العقول الأخرى. جميع الأفراد يختبرون الحضور بشكل طبيعي من حين إلى آخر. ربما خلال نظرك إلى عيني شخص تحبه تجد حواسك كلها ممتلئة، أو خلال إنجرافك في مراقبة النجوم أو المناظر الطبيعية الجميلة، أو فقط خلال قيامك بشيء تحبه بالفعل وتتصل به بشكل كبير في الحاضر.
تقدير اللحظة هو جزء من الحضور، أو كما يقول جون كابوت زن (Jon Kabat-Zinn) أحد أبرز معلمي الحضور "الحضور هو الإنتباه بعمد على اللحظة بدون حكم، هو وعي صافي من لحظة إلى لحظة، بدون تقييم بدون شرح أو تفسير، بل فقط الوجود بشكل كامل".
أن تكون إنسان كامل الحضور، وليس إنسان يحاول تفادي الحاضر أو رفضه، ليس إنسان يتمنى لو كان الأمور مختلفة. بالتأكيد المشتتات من حولنا طبيعية، تشير الدراسات أنه من الطبيعي لعقولنا أن تسرح يميناً ويساراً ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم الراحة، عدم الرضى، الإنفصال. هذا من طبيعة العقل، ولا يوجد علاج لذلك. ولكن يمكن لنا الإستيقاظ من هذه الحالة التي تشبه النوم من الإستجابة اللإرادية لأفكارنا، مشاعرنا وأفعالنا التي تجعلنا أناس منجرفين، مستنزفين، مجزئين.
عندما نكون حاضرين فإننا غير مجزئين، نحن منخرطون بشكل كامل وبوعي كامل، مستيقظين وواعين. لاننجرف مع ما قد يكون حصل في الماضي أو ما لم يتم تحقيقه اليوم، ولا يخيفنا ما قد يأتي في الغد. نكون متفاعلين مع الحقيقي وهو ما يحصل الآن.
قد يكون ما يحصل الآن غير سار، والحضور ليس علاج للواقع، هو فقط طريقة للحصول على أفضل مالدينا في الواقع الوحيد لدينا وهو الآن. وقد يبدو الأمر متناقضاً ولكن بالرغم من تركيز الحضور على اللحظة إلا أنه ليس ثابت بل متحرك ومتطور، فتأثيره ليس محدود باللحظة بل متمدد. فالحضور هو مهارة تتطور مع الممارسة وتمتد إلى اليوم والإسبوع والشهر والحياة بأكملها. فالتمرين على التركيز على اللحظة يتحسن مع مر الأيام ونصبح قادرين على الدخول إلى الحضور بشكل أسهل في لحظات أخرى ولمدة أطول. وهذا يساهم في النهاية في تحسين نوعية الحياة ككل.
فوائد الحضور
تخيل إختراع، إختراق طبي، عبارة عن كرسي به أجهزة كهربائية تستطيع الدخول إلى العقل والجسد البشري. ويتفق العلماء على أنك إذا جلست عليه وبراحة لفترة بسيطة كل يوم. فستحصل على النتائج التالية: سيقل ضغط الدم، التوتر، الإكتئاب، التعب، الألم الجسدي، خطر أمراض القلب، قصور الإنتباه،التراجع الذهني، الصدفية، فرط الشهية، الإدمان، التدخين، الوحدة، الربو، وحتى الإصابات المنزلية وغيرها كثير. كما أنه علاج مثبت لزيادة الأداء وتحسينه تحت الضغط ولتقوية الذاكرة والإنتباه والتركيز والتعلم، والعلاج من الصدمة، تقوية جهاز المناعة، تحسين العلاقات، والكثير غيرها.
هذا الكرسي الطبي مناسب للبالغين بغض النظر عن العمر، الحالة الصحية، الثقافة وأي خصائص شخصية. فقط إجلس على الكرسي.أليس هذا رائع؟،هذا الكرسي المستقبلي متوفر الآن.في الحقيقة أي كرسي يفي بالغرض، ولا حاجة إلى أي معدات أو تجهيزات خاصة، ويكلف لاشيء. هذا هو الحضور، وأنت تملكه الآن.
الحضور لا يحتاج إلى دين أو نظام إعتقاد، وهو منفتح لجميع الناس من كل المعتقدات والممارسات الروحية، وحتى للأشخاص الذين لا يتنمون إلى أي نظام إعتقاد أو ممارسة روحية. وهو يدمج الحكمة من كلا المدرستين الشرقية والغربية.
الحضور يقابلك في المكان الذي تريد أن تقابله فيه، يمكن لك أن تمارسه وحدك أو ضمن مجموعة، يمكن أن تستخدمه كما تشاء في الأوقات التي تشعر فيها بالتوتر قبل إجتماع عمل أو لإدارة الألم المزمن.في الطريق إلى الحضور ليس هناك أي أبواب مغلقة.
تجربة الحضور ولو قليلاً تحسن حياتك وحياة الأشخاص من حولك، ليس له أي تكلفة أو أضرار، لو كان الحضور تكنولوجيا لكن أفضل إختراع أنتجته البشرية.هو جزء من الطبيعة البشرية ولكننا نسيناه أو لا نعرف بأنه مدفون عميقاً في عقولنا بسبب طبيعة الحياة المعاصرة.

هناك تعليق واحد:

  1. في المقدمة يقول العالم جاك كورنفيلد : إذا كنت تجلس بصمت خلال سماع الأخبار السيئة، إذا كانت التقلبات المالية لا تؤثر عليك، إذا كنت ترى جيرانك يسافرن إلى أجمل الأجمل الأماكن دون أن تشعر بالحسد، إذا كنت تأكل كل ما يوضع على صحنك بسعادة، وتنام بعمق بعد يوم كامل من الركض بدون مشروب أو حبة مسكن، إذا كنت تشعر بالإكتفاء في أي مكان توجد فيه، فأنت على الأرجح....كلب.

    ** وانا اعارض هذا القول وبشدة لأنة ان كنت كما الوصف الذي ذكره سابقاً فأنت قد وصلت لمرحلة من الوعي المتطور يطلق عليها التنوير كما تم ذكرة في مشاركة اخرى في هذة المدونة بعنوان : التنوير
    في هذه الحالة يفقد الشخص الشعور بأهمية الأشياء المادية ويرى وهم البقاء ، ويقل إهتمامه حتى بوجوده مقابل الفكرة والتغيير.يصبح الشخص متجاوزاً للوجود والمهيات، يدرك وجوداً أخراً لا يمكن للكون بأكمله إحتواءه وهذا ما يقود في النهائية إلى التنوير. شكراً

    ردحذف

تلخيص كتاب طريق السعادة لسونيا ليوبوميرسكي

في كتابها The How of Happiness تتحدث عالمة النفس سونيا ليوبوميرسكي Sonja Lyubomirsky عن حاجتنا جميعنا كبشر إلى السعادة حتى وإن لم نعبر ع...