الثلاثاء، 19 يونيو 2018

الحضور-الجزء الرابع

طرق للتعامل مع التجارب غير المرغوب فيها – التوتر
التوتر ليس شيء سيء، نحن صورناه بهذه الطريقة، إن فهمنا لكيفية جعلنا له بهذه الطريقة يعطينا الطريق لوضع التوتر في مكانه الصحيح. لمساعدة البشر الأوائل على البقاء ، تطورت أدمغتنا لإعطاء اهتمام كبير للتهديدات والمخاطر. هذا ينطوي على بيولوجيا معقدة وعمل دماغي ، لذلك أحب كيف تبسط عالمة الدماغ "كريستين رايس" الأمر بطريقة يمكننا جميعاً فهمها واستخدامها. هي تميز بين الدماغ الذكي ، قشرة الفص الجبهي (prefrontal cortex) ، ودماغ التنبيه ، الجهاز الحوفي (Limbic System). عندما نرى تهديدًا ، لنفترض أنك تتجول ، وتواجه فجأة دبًا جائعًا ، شيء ما يستولي علينا ، وهذا هو الشيء الذي حدث لأجدادنا القدامى. يتولى دماغ التنبيه السيطرة وينشط مجموعة من الاستجابات المصممة لتعزيز البقاء. هذا منطقي من الناحية التطورية. إن نتائج التعرض لهجمة دب جائع مكلفة للغاية ، لكن دماغ التنبيه لم يكن مصممًا للحياة الحديثة التي نعيشها اليوم.
إنه يولد نفس الاستجابات الكيميائية بغض النظر عما إذا كان لدينا أمامنا دب جائع أو مدير سيئ. نميل إلى التوتر بقوة أكبر وفي كثير من الأحيان أكثر مما ينبغي. في الحياة الحديثة ، تتواجد مصادر التوتر في كل مكان ، وكثيرًا ما يستجيب الدماغ والجسم للتوتر الناتج عن الصعوبات اليومية وكأنها تهديدات للحياة. من الناحية التطورية ، نحن مصممون للتعامل مع هذه الحالات ، من حين لآخر ، ولكن ليس طوال اليوم. إنها كما لو كنت تحاول الاسترخاء ، ولكن يتم إطلاق الإنذارات في المبنى الذي تقتنه، وعليك الاستمرار في الإنتباه حتى إختلاء المبنى للتأكد من سلامتك.
التأثير هو أسوأ بكثير من فقط الإزعاج ، وانخفاض الإنتاجية ، وحتى السلوكيات السيئة. الكثير من حالات الإستنفار هذه في المخ يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. نحن بحاجة إلى التحول من هيمنة الدماغ على التنبيه إلى الأداء الذكي للمخ. والخبر العظيم هو أن الحد من التوتر على الذهن يحتوي على مجموعة كبيرة من الأبحاث العلمية التي تثبت فوائده. هذه الدراسات تشمل عادة ممارسة التأمل ، لذلك لا ننسى الحفاظ على التأمل اليومي الخاص بك. ولكن هناك أيضًا شيئًا يمكنك القيام به لهذه النوبات من التوتر ، عندما يسحب التوتر إنذار الحريق في دماغك.
هناك تقنية ممتازة طورتها ميشيل ماكدونالد، وهي سهلة في التذكر لأنها مجموعة في كلمة واحدة RAIN ، R-A-I-N كل حرف يرمز لأحد المبادىء في سللة التعامل مع نوبات التوتر، أولاً (R  recognition)  أي التعريف، توقف ولاحظ أفكارك، مشاعرك، وأحاسيسك. ما الذي يحصل بالضبط لعقلك وجسدك؟، لاحظ أي علامات لتجربة التوتر عليك، هل دقات قلبك تتسارع؟ تشعر بألم في البطن؟ تشعر بأن الضغوط تطغى عليك؟.
ثانياً الحرف ("A" for acceptance) أي القبول. بعد أن حددت بشكل واعي العناصر الخاصة بإستجابة التوتر في داخلك، إسمح لها بأن تكون موجودة، لا تحاول محاربتها أو محوها، لأن ذلك ما يزيد من تأثيرها وجعلها تدور في دومات متواصلة.كما لا تحاول أن تقسو على نفسك لأنك تشعر بكل هذه الإستجابات.تذكر الأمر طبيعي، هذا جزء من العقل المنبه الذي يؤثر علينا عند تفعيله، فقط إقبل هذه الإستجابات كجزء من الحالة المؤقتة التي تأتي وتذهب.
ثالثاً الحرف ("I" for investigation) أي التقصي، لا تحاول مقاومة التوتر بل كن فضولياً إتجاجه، إبحث عنه، أغمض عينك وفكر في أسئلة من مثل (إلى ماذا تشير هذه الإستجابات؟ ، ما نوع الإنتباه الذي تحتاجه؟ لماذا تظهر الآن؟) يمكن أن تظهر لك إجابات من مثل "أنا أخاف أن أظهر بمظهر سيء أمام الناس"، "هناك شيء خاطىء في نفسي أو حياتي"، يجب أن تلاحظ هذه الإدراكات الجديدة كما هي.إنظر إليها كقصص أن تعلق عليها إستجابة التوتر، هي تحمل أيضاً معنى أخر وهو أنك تجلس تحت تدفق من مجرد أفكار وأحاسيس ومشاعر، وهذا يقودنا للنقطة الرابعة والأخيرة ("N" for non-identification) أي عدم التطابق، في الخطوات الثلاثة السابقة أنت أعطيت نفسك زوايا جديدة لرؤية التوتر،الخطوة التالية هي أن تلاحظ كيف عقلك وجسدك يتفاعل، تذكر مثال الشلال، أنت تقف أمام الشلال بدلاً من أن تكون فيه، في اللحظة التي تكون فيها قادراً على مراقبة التوتر وأعراضه والقصص التي تدور معه دون أن تكون جزء منها فأنت تفصل نفسك عن هذا التوتر. هذه هي فكرة عدم التطابق، ذكر نفسك بالحقيقة التي تقول بأنك لست تلك الاعراض والأفكار التي شعرت بها، هذه ليست أنت بل أعراض مرت عليك، أنت الفضاء والكيان الذي تعمل فيه هذه الأعراض والأفكار. فبدلاً من القول مثلاً "أنا فاشل" يمكن أن تقول "حالياً أشعر وكأنني فشلت". هناك فرق صغير ولكنه جوهري، الجملة الثانية تعطيك الحرية والمزيد من الخيارات لكي تتصرف بطريقة مختلفة.
وهذه هي الحقيقة، فأنت متغير الحال، أم الجملة الأولى "أنا فاشل" فهي البداية والنهاية، ولا تمنحك أي فرصة للتغير أو القيام بشيء لأنها ملتصقة بذاتك، فالجملة الثانية أشبه بسجن فكري يحرمك من حرية الإختيار والفعل للتغير أو معالجة المشكلة.

تقنية RAIN تخرجك من التفاعل العشوائي لأعراض التوتر وقصصه.وتعطيك صورة أوضح وأهدىء لفضاء العقل لديك ما يجعلك تستجيب بشكل أفضل بدلاً من الهلع. تذكر هذه التقنية دائماً عندما تشعر بالتوتر لأي سبب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تلخيص كتاب طريق السعادة لسونيا ليوبوميرسكي

في كتابها The How of Happiness تتحدث عالمة النفس سونيا ليوبوميرسكي Sonja Lyubomirsky عن حاجتنا جميعنا كبشر إلى السعادة حتى وإن لم نعبر ع...