الثلاثاء، 8 يناير 2019

ما هي الروحانية الوجودية الحديثة؟

الروحانية الوجودية الحديثة أو إختصاراً روح أو نظام روح هي خلاصة بحثي وتجربتي في السلك الروحي على مدى خمسة عشرة عاماً، إبتداءاً من إختباري لتجارب الخروج من الجسد بشكل طبيعي في سنين المراهقة ومروراً بدراستي العملية والنظرية للروحانية بشكل عام وللتجارب الروحانية بشكل خاص وتفسيراتها العلمية ونهاية بالدراسة الفلسفية للروحانية وذلك لإختيار السلك الروحي الذي أعتقد بأنه الأكثر إكتمالاً بين جميع الطرق الروحية المتوفرة، وهذا ما أعتقد بأنني وجدته فيما يطلق عليه الروحانية الوجودية (Existential Spirituality). والروحانية الوجودية هي تقليد روحي حي بدأ به سورين كيركيجارد (1813-1855)، ويركز على الجوانب الداخلية في الإنسان بدلاً من التركيز على التكهنات حول قوى فوق طبيعية لتفسير القضايا والظواهر الروحانية. تبدأ الروحانية الوجودية بمواجهة الأزمة الوجودية الداخلية في الإنسان بدلاً من تجاهلها. والفكرة الجوهرية لهذه الأزمة الوجودية هي مشابهة لتصور كانط للمعرفة العقلية بأنها عالقة في عالم الظواهر الطبيعية (Phenomena) أما عالم الجوهر أو (Noumena) لا يمكن إدراكه بالعقل البشري، أي أن التوجه والوعي الداخلي في الروحانية الوجودية يكون نحو روح بشرية قابعة في داخلنا بدلاً من روح خارج حدود أجسادنا.
 تبدأ الأزمة الوجودية الداخلية من وجهة نظر الروحانية الوجودية من الحقيقة البديهية بأننا عالقون داخل أدمغتنا، من اللحظة الأولى التي نولد فيها إلى لحظة موتنا فإن ما ندركه من العالم هو مجرد صورة داخل أدمغتنا، وأن أدمغتنا هي كل ما نملكه، ولا يمكن إختبار أي شيء خارج الدماغ لأنه مناط الإدراك والتفكير والتخيل، والعالم الذي ندركه إنما هو بالشكل والهيئة التي هو عليها بسبب طريقة عمل عقولنا. وأن الروحانية وجميع ظواهرها إنما هي إمتداد لهذا المفهوم ولا تخرج عليه. إن التفسير المادي العلمي للظواهر الروحية إن صح يضعنا بلا شك أمام تحدي وجودي خطير يتحدى جميع الإدعاءات والتصورات الماورائية. وإذا قبلنا التفسير المادي العلمي للروحانية وسلّمنا بكون الروحانية ذات أصول مادية فيمكن لنا الإكتفاء بذلك دون التكهن أو الخوض في التفسيرات والقوى الفوق طبيعية، أي القيام بقفزة إيمانية (التسليم بإستحالة تحصيل المعرفة الماورائية وأن كل ما يمكن لنا القيام به في ظل هذا العجز هو إتخاذ القرار بالإعتقاد به دون دليل) كما يصفها سورين كيركيجارد وهذه إحدى حلول الأزمة الوجودية الناتجة عن التفسير العلمي المادي للروحانية ، وبهذا يمكننا التركيز على اعادة تعريف المصطلحات الروحانية وتطوير التقنيات والممارسات الروحية لتتماشى مع النظرة العلمية.كما يمكن لنا التمادي اكثر وفحص الادعاءات الروحية ذاتها كوجود الروح، الحياة بعد الموت، المعنى من الوجود. على أن هذا هو عمل فلسفي محض لا يؤثر في التجربة العملية كما أنه يحتاج الى ملكات تفكير وإدراك عالية. إن الروحانية الوجودية بذلك تختلف بشكل جوهري عن أنواع الروحانية الأخرى من حيث الإفتقار إلى التكهنات حول الكائنات الخارقة أو الماورائية. فمعظم أشكال الروحانية الوجودية لها محتوى عقائدي قليل جداً. فالروحانية الوجودية تسأل دائماً السؤال كيف يمكننا أن نعرف حول "الكائنات التي تقع وراء أنفسنا"؟ لكن بالتأكيد نستطيع استكشاف أعماقنا الداخلية حيث تقبع الروح والتي يمكن لحساسيتنا الداخلية الشعور بالديناميكا الخاصة بها.

هناك تعليق واحد:

تلخيص كتاب طريق السعادة لسونيا ليوبوميرسكي

في كتابها The How of Happiness تتحدث عالمة النفس سونيا ليوبوميرسكي Sonja Lyubomirsky عن حاجتنا جميعنا كبشر إلى السعادة حتى وإن لم نعبر ع...